أنا سُني حسيني


بقلم الدكتور عائض القرني
أنا سُني حسيني، جعلتُ ترحُّمي على الحسين مكان أنيني، أنا أحبُ السّبطين، وأتولَّى الشيخين، أنا أعلن صرخة الاحتجاج، ضد ابن زياد والحجاج، يا أرض الظالمين ابلعي ماءك، ويا ميادين السفَّاحين اشربي دماءك، لعنة الله وملائكته والناس أجمعين على من قتل الحسين أو رضي بذلك، ولكن لماذا ندفع الفاتورة منذ قُتل الحسين إلى الآن من دمائنا ونسائنا وأبنائنا بحجة أننا رضينا بقتل الحسين ونحن في أصلاب آبائنا وفي بطون أمهاتنا؟!.

- استباح ابن العلقمي بغداد بحجة الثأر للحسين، وذبح البساسيري النساء والشيوخ في العراق بحجة الثأر للحسين، والآن تُهدَّم المساجد في العراق ويُقتل الأئمة وتُبقر بطون الحوامل وتحرَّق الجثث ويُختطف الناس من بيوتهم وتُغتصب العذارى بحجة الثأر للحسين.
- إن المنطق الذي يقول: إن مليار مسلم كلهم رضي بقتل الحسين وكلهم ناصبوا العداء لأهل البيت منطق يخالف النقل والعقل والتاريخ، ومعناه إلغاء أهل الإسلام والقضاء على كل موحِّد في الأرض، هل من المقبول والمعقول أن يجتمع مئات الملايين من العلماء والخلفاء والحكماء والزُّهاد والعُبّاد والمصلحين ويتواطؤا على الرضا بقتل الحسين والسكوت على هذه الجريمة الشنعاء ؟!
- لماذا لا يُحَكّم العقل ويسأل نفسه الذي يمشي وراء السراب ويصدق الوهم ويؤمن بالخرافة ؟. هل من المعقول أن تُحارب أمة الإسلام لأجل كذبة أعجمية صفوية ملفّقة كاذبة خاطئة تكفِّر الصحابة والتابعين ودول الإسلام وتتبرأ من أبي بكر وعمر وأصحاب بدرٍ وأهل بيعة الرضوان ومن نزل الوحي بتزكيتهم وأخبر الله أنه رضي عنهم ؟ متى تُكف المجزرة الظالمة الآثمة التي أقامها الصفويون ضد كل مسلم ومؤمن تحت مظلة الثأر للحسين ؟

- نحن أولى بالحسين ديناً وملَّة، ونسباً وصهراً، وحباً وولاءً، وأرضاً وبيتاً، وتاريخاً وجغرافيا، ارفعوا عنّا سيف العدوان، وأغمدوا عنّا خنجر الغدر فنحن الذين اكتوينا بقتل الحسين، وأُصبنا في سويداء قلوبنا بمصرع الحسين:

جاؤُوا بِرَأْسِكَ يا ابْنَ بِنْتِ مُحَمّدٍ ... مُتَـزَمِّـلاً بِدِمائِهِ تَزْمِيلا
ويُكَبِّـرونَ بِـأَنْ قُتِلْـتَ وإنّما ... قَتَلوا بكَ التّكْبيرَ والتّهْليلاَ

- يقول شيخ الإسلام بن تيمية: قتل الحسين رضي الله عنه مصيبة من أعظم المصائب ينبغي لكل مسلم إذا ذكرها أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأقول لو كره عضو من أعضائنا الحسين أو أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لتبرأنا من هذا العضو ولبترناه. لكننا نحبهم الحب الشرعي السنُي الصحيح الموافق لهدي الرسول عليه الصلاة والسلام، لا الحب الصفوي والسبئي الغريب على الأمة وعلى الملّة وعلى السماء وعلى الأرض:

مَرحباً يا عراقُ جئتُ أغنّيـ ... ـك وبعضٌ من الغناءِ بكاءُ
فجراح الحسين بعض جراحي ... وبِصَدرِي من الأسى كربلاءُ

- الحسين ليس بحاجة إلى مآتم وولائم، تزيد الأمة هزائم إلى هزائم، رحم الله السبطين الحسن والحسين، وجعل الله علياً وفاطمة في الخالدين ورضي الله عن الشيخين.
بـكى البيت والركن الحطيم iiوزمزم      ودمـــع الـلـيالي فــي مـحـاجرها دمُ
وشــق عـلـيك الـمـجد اثـواب iiعـزِّه      ووجـه الـضحى مـن بعد قتلك أدهمُ
فـيا لـيت قـبري كـان قـبرك iiمـعلماً      تُـكـفّن فــي اجـفـان عـيـني iiوتُـكـرمُ
ويـاليت صـدري كـان دونك iiساتراً      بــه كــل رمــح مــن عـداك iiيُـحطّمُ
أريـحـانة الـمـختار صــرت iiقـضية      وأصـبـحت لـلأحـرار نـعـم iiالـمـعلمُ
ولـكـنني وافـقـتُ جــدك فــي الـعزا      فـأخـفي جـراحـي يـاحـسين iiوأكـتـمُ
وأصـبـر والأحـشـاء يـأكلها iiالأسـى      وأهــدأ و الأضــلاع بـالنار iiتُـضرمُ
ومــا نُـحـت نــوح اثـاكلات iiتـفجُّعاً      عـلـيك لأن الـديـن يـنـهى iiويَـعـصِمُ
أُ صـبـنا بـيوم فـي الـحسين لـو iiانـه      أصاب عروش الدهر أضحت تُهَدّمُ
الأبــــن زيــــاد ســــودَّ الله وجــهـه      مـعـاذيرُ فــي قـتـل الـحـسين iiفـتُعلمُ
يـقـاضـيـه عــنــد الله عــنّــا iiنــبـيُّـه      بــقـتـل ابــنـه والله أعــلـى iiوأحــكـمُ
عـــلــى قـاتـلـيـه لــعـنـة الله iiكــلـمـا      دجــا الـلـيل او نـاح الـحمام iiالـمرنّمُ
وتـعرض عـنه الـخيل خـوفاً iiوهيبةً      وفـوق ظـهور الـخيل أجـفى iiوأظلمُ
لـنـا كـربلاء الـمجد ذكـرى iiعـزيزة      يــجـددهـا قــلــب ورأس iiومـعـصـمُ
وروح بــهـا يَـطَّـهَّـرُ الـطُـهـر iiكـلّـه      وعــزم تـهـاب الأســد مـنه iiوتُـهزمُ
أمـــا ذكــروا فـيـه الـنـبي فـأغـمدوا      سـيـوفاً وخـافـوا الله فـيـه فـأحجموا
ولـو نـطقت تـلك الـرماح لـو iiلْولتْ      عـلـيـه ولــكـن هـــل رمـــاح iiتَـكـلَّمُ
لـمن أصطفي دمعاً ؟ الأبن غذوته؟      فــلإبـن رســول الله أغـلـى وأكــرمُ
وأبـكـيه فــي شــوق وأكـتم iiلـوعتي      أكــلّ سـنـين الـعـمر أبـكي iiوأكـرمُ؟
إلـى الله اشـكو مـا أصـاب جوانحي      ولــكــن بــأمــر الله راضٍ iiومـسـلِّـمُ
وأتــــرك لـلـعـيـنين إبـــراد iiغُـلـتـي      بــدمــع ســخــيَّ يُـسـتـثـار فـيَـسـجمُ
هــــواي لأصــحـاب الـنـبـي iiوآلـــه      فـبـعضهم مــن بـعـضهم وهــمُ هــمُ
أبــــرِّيءُ أصــحـاب الـنـبـي iiوآلـــه      مــن الـسبِّ فـالسبّاب نـذل iiومـجرمُ
ولـو أبغضت يمناي أصحاب iiأحمدٍ      لـقـلت لـهـا بـيـني ولـو جـذ iiمـعصمُ
إذا اتُـــهــمَ الــشـيـخـان أي iiعــدالــةً      تـرجَّى و أي الـناس مـن بـعد iiيـسلمُ
وكــان ابــو الـسبطين يـعلن iiجـاهداً      بــأن خـطـى الـشيخين اجـر iiومـغنمُ
فـعرضي لـعرض الأكـرمين iiوقايةٌ      أصــد الـردى عـنهم فـمجديَ iiمـنهمُ
ومـــا أشـــرق الـتـاريـخ إلا iiلأنــهـم      بَـنـوْه وهــم فــي كــل ظـلماء أنـجمُ
أيــرضـى عـلـيـهم ربــهـم iiونـسـبُّهم      كـذبـتـم عـلـيـهم يـــا جــفـاةُ وخُـنـتمُ
وزكَّــاهـم الـرحـمـن جـــل iiجــلالـه      وأنــتــم لــمــا زكَّـــى الإلـــه أبـيـتـمُ
بـراهـين مــن وحــي الإلـه مـضيئة      رواهــا الأمـيـنان الـبخاري iiومـسلمُ