سويسرا ومنع الماذن

سويسرا ومنع الماذن

استمرارا للحملة التي يقوم بها الغرب ضد الإسلام ، وفي محاولة يائسة بائسة تُجري سويسرا استفتاءً تحاول فيه منع المآذن- رغم التشدق بالحريات- ؛ تسير بذلك على خطى من سبقها؛ من قبل دنَّست أمريكا القرآن الكريم، ومن بعدُ، حملت بعض الصحف الدنماركية موجة الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن البرقع أو النقاب الذي يغطي المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها يشكل "علامة استعباد" وأن ارتداءه "غير مرحب به" في فرنسا،وأن البرقع " ليس
 رمزا دينيا "،وأن النساء المرتديات للنقاب بأنهن " سجينات خلف سياج ومعزولات عن أي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة".







لقد خرج الإعلام الغربي بنظرةٍ يحاول أن يرسخها لدى الغرب بأن "المسلمين غدا سيسيطرون على الغرب" . إنه العامل السكاني الذي يؤرق الغرب وحضارته فيقوم برسم كل الخطط والأساليب الخبيثة ليكون لغير صالح المسلمين ، يظن بذلك أنه سيمنع من انتشار الإسلام بين الناس وبالتالي منع قيام دولة الخلافة وإبعاد الناس عن العاملين لها وعن فكرتها. ودائماً يحاول الغربيون الربط بين الإسلام والإستعباد وبين الإسلام والإرهاب ، وكأن الإسلام مرض من الأمراض المخيفة (إسلام فوبيا) ،وبدأت وسائل الإعلام المختلفة تروج للخوف من المسلمين لا سيما بعد الحادي عشر من سبتمبر- ولو برفع الأذان لتتسع ظاهرة الخوف من الإسلام و تحذير الناس من الدين الإسلامي؛ فقد امتدت على الخارطة الإعلامية الغربية ,وتفاقمت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول التي عصفت بالولايات المتحدة الأمريكية , كما أنّ هناك أسبابا دينية و ثقافية و عنصرية وراء ظاهرة الإسلام فوبيا في الغرب.






رغم الحملة العالمية المعادية للإسلام والمسلمين ،ورغم عدم وجود كيان سياسي للمسلمين. ورغم تمكن الدول الأوروبية من إلغاء دولة الخلافة الإسلامية، ورغم عدم عيش المسلمين في ظل دار الإسلام ، ورغم أن الأمة الإسلامية اليوم فقدت قيادتها وفقدت خليفتها وتشرذمت . ورغم إيجاد الإسلاموفوبيا ( كراهية الإسلام ) لتكون حاجزا دائما بين أوروبا والعالم الإسلامي ، واستغلال المؤسسات الإعلامية الرئيسة في أوروبا والنخب السياسية الحالة المشاعرية لدق إسفين دائم بين أوروبا والعالم الإسلامي . رغم ذلك كله فإن أعداد المسلمين تتزايد في العالم؛ فربع سكان العالم مسلمون منهم 2.4% في أوروبا ، وصرح خبير أميركي بارز في شئون الشرق الأوسط أمس إن أوروبا سيكون بها أغلبية من المسلمين بنهاية القرن الجاري وذلك بناء على الاتجاهات الديموغرافية وحركات الهجرة الحالية.






وقال برنارد لويس الأستاذ بجامعة برنستون ومؤلف العديد من الكتب حول الشرق الأوسط في حوار مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية «إن أوروبا ستكون جزءا من المغرب العربي». وأضاف لويس انه بالإضافة إلى الهجرة فإن الأوروبيين يتأخرون في سن الزواج ولا ينجبون سوى عدد قليل من الأطفال لكن مسلمي أوروبا يتزوجون في سن مبكرة وينجبون عددا أكبر من الأطفال. وأكد الخبير في حديثه للصحيفة أن «التوجهات الحالية تظهر أن أوروبا سيكون بها أغلبية مسلمة بنهاية القرن الواحد والعشرين على أقصى تقدير». ويعيش في ألمانيا أكبر دول الاتحاد الأوروبي نحو ثلاثة ملايين مسلم من إجمالي 82 مليون نسمة. وسيقرر زعماء الاتحاد الأوروبي في ديسمبر المقبل ما إذا كانوا سيوافقون على بدء محادثات بشأن ضم تركيا لعضوية الاتحاد.






وهذا يبين بشكل واضح أن شعاعا من نور ينبعث من أوروبا ؛ ذلك أن مفهوم الأمة اليوم قد حل محل القومية وأصبح قوةً موحِّدةً للمسلمين عبر العالم،والمسلمون من المغرب إلى أندونيسيا يكتشفون وبسرعة أن لديهم قواسم مشتركة أكثر مع أخوتهم الإسلامية وأكثر من هوياتهم الحالية التي تحددها حدود مصطنعة بينهم. إن جحافل المسلمين وإن توقفت في يوم من الأيام عند أسوار فينا ،فإن النور ينبعث من جديد من أوروبا.






وما أشبه اليوم بالأمس فقد ورد في السيرة أن محمداً (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وصحابته الكرام كافحوا مدة ثلاث عشرة سنة في مكة المكرمة وهاجروا إلى المدينة بعد ذلك ليقيموا الدولة الإسلامية الأولى. وبعد إقامة الدولة طبق الإسلام عمليا في حياة الناس. وكان نتيجة الحكم بالإسلام أن توحدت القبائل التي كانت متناحرة في المدينة، وتوحدت معها باقي القبائل في الجزيرة العربية، وانصهرت جميعها في بوتقة الأمة الواحدة وهي الأمة الإسلامية. وكان النبي محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أول رئيس للدولة الإسلامية، وخلفه أبو بكر في رئاسة الدولة بعد أن بايعه المسلمون خليفة عليهم بعد وفاة المصطفى (صلى الله عليه وعلى آله وسلم). حيث عرفت الدولة بعد ذلك باسم دولة الخلافة. ودولة الخلافة هي رئاسة عامة على المسلمين، وهي تطبق الشريعة نظام حياة للناس وتحمل الدعوة الإسلامية للبشرية كافة. نعم أتى النصر بعد الذلة والهوان والتعذيب والملاحقة . {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123] {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [الأنفال:26]. وأكمل الله دينه وأتم نعمته على المسلمين ورضي الله الإسلام دينا ، وقام الرسول – صلى الله عليه وسلم- بدعوة الأمم والشعوب المجاورة بإرسال الرسل إلى الملوك ، وبالسرايا والغزوات على حدود الروم في مؤتة وتبوك.






وتتابعت الفتوحات على عهد الخلفاء الراشدين ، ففُتح العراق وكان يسكنه خليط من النصارى والمزدكية والزرادشتية من العرب والفرس ، وفتحت فارس وكان يسكنها العجم وقليل من اليهود والرومانيين ، وكانت تدين بدين الفرس، وفتحت الشام وكان إقليما رومانيا يثقف بثقافة الرومانيين ويتدين بالنصرانية ويسكنه السوريون والأرمن واليهود وبعض الرومان وبعض العرب ، وفتحت مصر وكان يسكنها المصريون وبعض اليهود وبعض الرومان ، وفتحت شمال إفريقيا وكان يسكنها البربر وكانت بيد الرومان 0 ثم جاء الأمويون ، ففتحوا السند وخوارزم وسمرقند والأندلس ، وهي متباينة القوميات واللغة والدين والتقاليد والعادات والقوانين والثقافة والعقلية والنفسية 0 وتحقق للدولة الإسلامية وحدها أن تُظلل هذه الشعوب بالراية الإسلامية ، وصارت أمة واحدة هي الأمة الإسلامية .






نعم ،ما أشبه اليوم بالأمس ؛ اليوم تحاول سويسرا منع المآذن، وسيأتي اليوم الذي تعلو في صيحات التكبير "الله أكبر" ؛ بالأمس قدم بلال إلى رسول الله ( ليسلم لله رب العالمين، وينتشر خبر إسلام بلال في أنحاء مكة، ويعلم سيده أمية بن خلف فيغضب غضبًا شديدًا، وأخذ يعذب بلالا بنفسه؛ لقد كانوا يخرجون به إلى الصحراء في وقت الظهيرة، ذلك الوقت التي تصير فيه الصحراء كأنها قطعة من نار، ثم يطرحونه عاريًا على الرمال الملتهبة، ويأتون بالحجارة الكبيرة، ويضعونها فوق جسده، ويتكرر هذا العذاب الوحشي كل يوم، ويظل بلال صابرًا مصممًا على التمسك بدينه، فيقول له أمية بن خلف: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول بلال: أحد.. أحد!! لقد هانت على بلال نفسه بعدما ذاق طعم الإيمان، فلم يعد يهتم بما يحدث له في سبيل الله، ثم أمر زعماء قريش صبيانهم أن يطوفوا به في شعاب مكة وشوارعها ليكون عبرة لمن تحدثه نفسه أن يتبع محمدًا، وبلال لا ينطق إلا كلمة واحدة، هي: أحد.. أحد، فيغتاظ أمية ويتفجر غمًّا وحزنًا، ويزداد عذابه لبلال. وبعد هجرة النبي – صلى الله عليه وسلم - والمسلمين إلى المدينة واستقرارهم بها، وقع اختيار الرسول – صلى الله عليه وسلم - على بلال ليكون أول مؤذن للإسلام، يعلو صوته فوق الكعبة في فتح مكة.






إن إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة قد بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا فضلاً عن أنها أمر من أوامر المولى جل وعلا ، وواجب على كل مسلم أن يبذل قصارى جهده لتنفيذه. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - (أمتي أمة مباركة لا تدري أولها خير أم آخرها ) رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان وأشار السيوطي إلى حُسنه 0 وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) [رواه البخاري ومسلم]. وكأن رسول الله ينطق بيننا ويعيش بين أظهرنا، حين أخبرنا عن زماننا هذا. فقال كما في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة : ((بدأ الإسلام غريباً، وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء)). وفي رواية الإمام أحمد: ((قيل من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس)). فهذه أمة عظيمة كريمة ،وهي أمة لا زالت حية وهي قادرة على النهوض والإرتقاء والتحرير وعلى ما فوق التحرير، ألا وهو تحقيق السعادة للبشرية جمعاء من خلال مبدأ الإسلام العظيم. أمة قادرة على تحقيق وعد الله تعالى وبشرى رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، فإن خليفة المسلمين هو الذي سيقود جحافل الفتح والتحرير قريباً بإذن الله تعالى. يقول صلى الله عليه وسلم ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشرقها ومغربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة والترمذي .. وهذا يحدث إلى الآن .. حيث أن هناك بلاداً لم يفتحها المسلمون في أي عصر مضى إلى الآن وسوف يحدث إن شاء الله . ويقول صلى الله عليه وسلم (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبرٍ إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الله الإسلام وذلاً يذل به الكفار) . رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ( المدر: أهل القرى والأمصار، الوبر: أهل البراري والمدن والقرى ) .


مفكرة الإسلام