المحطة التالية لأمريكا اليمن




المحطة التالية لأمريكا اليمن

جاستين ريموندو ـ أنتي وور
30 ديسمبر 2009

ترجمة: محمد الزواوي
يبدو أن حزب الحرب الأمريكي سوف يركز على جبهة جديدة في "الحرب على الإرهاب"، وهي
اليمن تلك المرة، وسيتم التركيز اليوم على صحراء اليمن المحرقة بأشعتها النفاذة على شواطئ البحر الأحمر من أجل ملاحقة تنظيم القاعدة، في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة اليمنية الولايات المتحدة إلى ضخ المزيد من المساعدات، بالإضافة إلى عشرات الملايين التي تم ضخها بالفعل في ذلك البلد من أجل "محاربة الإرهاب" وبالتحديد تنظيم القاعدة، والذي لا تتعدى عناصره في ذلك البلد ثلاثمائة عضو من المقاتلين الذين يختبئون في الأماكن النائية والمعزولة والتي يتعذر الوصول إليها.
واليوم يدعو السيناتور جوي ليبرمان إلى إجراء عسكري "وقائي" في اليمن، قائلاً: "لقد صرح في شخص ما من حكومتا في صنعاء العاصمة اليمنية أن العراق حرب الأمس، وأفغانستان حرب اليوم، أما اليمن فستصبح حرب الغد، وهذا هو الخطر الذي نواجهه".
ويبدو أن ليبرمان لم يصادف بلدًا إسلامية إلا وأراد أن يغزها ويخضعها، ولكن في حالة اليمن فإن شن حرب وقائية على تنظيم القاعدة، ولكن مصدر الإزعاج الحقيقي للولايات المتحدة ولحلفائها في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية ليس تنظيم القاعدة ولكن إيران.
فاليمن ظلت غارقة في حرب أهلية منذ منتصف التسعنيات، ولا تملك أن تفعل شيئًا لتنظيم القاعدة ولكنها تملك كل شيء تفعله فيما يتعلق بالتيارات التاريخية والدينية التي اكتسحت تلك الدولة الفقيرة والمدمرة والتي يقطنها 20 مليون شخص، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد أعلنت الإمبراطورية العثمانية سيادتها على المنطقة  ولكنها لم تنجح مطلقًا في أن تخضع القبائل الشمالية التي حافظت على استقلالها عبر كافة أيام الهيمنة البريطانية على الجنوب، ثم بعد ذلك أمام فرض نظام الحكم الماركسي ذو الحزب الواحد باسم الجمهورية الديموقراطية اليمنية  والتي كانت حليفًا سوفيتيًا في فترة الحرب الباردة.
فاليمنيون الشماليون مستقلون دينيًا وعرقيًا ومختلفون تمامًا عن أبناء بلدهم، حيث إنهم متمسكون بالشريعة الإسلامية، على عكس الغالبية السنية التي استوطنت المحافظات الجنوبية. فمنذ سنوات شن الشماليون معارك ضد الحكومة المركزية، تحت سيادة الحوثيين، بقيادة حسين بدر الدين الحوثي الذي قتلته الحكومة اليمنية عام 2004.
والحكومة اليمنية المركزية لم تدخر وسعًا في مقاتلة الحوثيين واعتمدت سياسية الأرض المحروقة في قتال الحوثيين في الشمال، مما أسفر عن حالة من النزوح الجماعي للاجئين من ساحة المعركة التي قتل وشرد فيها عشرات الآلاف ونزحوا إلى الجنوب ليقيموا في مخيمات مترامية الأطراف في تلك المنطقة.
ومن الطبيعي أن الحكومة اليمنية لديها مصلحة في تصوير أي مؤامرات تحاك ضدها في الجنوب أنها من تدبير تنظيم القاعدة، في حين تصف المتمردين الشماليين على أنهم وكلاء لإيران، والولايات المتحدة تصدق ذلك، وأنفقت 70 مليون دولار على المساعدات "التنموية" والعسكرية في هذا العام وحده على اليمن، ويبدو أنه لا يزال الكثير الذي يجب على الولايات المتحدة أن تضخه هناك.
والآن وبعد أن تعهد الرئيس أوباما باستخدام "كافة عناصر القوة الوطنية الأمريكية لتفكيك ولإفشال ولهزيمة المتطرفين الذين يهددون الولايات المتحدة، سواء كانوا في أفغانستان أو باكستان أو اليمن أو الصومال أو في أي مكان آخر يحيكون فيه مؤامرات ضد الأراضي الأمريكية"، فإن الطريق مفتوح لتعميق الوجود الأمريكي في ذلك البلد الذي مزقته الحروب، بالإضافة إلى تعميق وجود القوات الأمريكية ذاتها.
ولأن أوباما كان شعاره التغيير، فمن المناسب أن نقول هنا أن سياساته تنطبق مع سياسات بوش تمامًا، بالرغم من أنه جاء إلى هذا المنصب بسبب أصوات الشعب الذي مل الحروب والذين يبدوا أنهم فهموا خطأ موقفه االمعارض من حرب العراق، والذي ظنوا أنه اتجاه عام لعدم التدخل في شئون الدول، ولكن أوباما لم يستمر فقط في نهج بوش ولكنه يقوم بتوسيع الهجمات الأمريكية، والتي الآن تبتلع باكستان وتمتد حتى الجزيرة العربية.
واقترح الدبلوماسي الامريكي ان "يتعاون جيران اليمن الاقليميون مع قيادات المجموعة الدولية في تقديم المساعدات الاقتصادية الضخمة الى اليمن، وان تنفذ توزيع هذه المساعدات منظمة دولية متخصصة في هذا الشأن"، قائلا انه "لدى الحوثيين والجنوبيين المطالب الاقتصادية بالاضافة الى تلك السياسية، من اجل تحسين اوضاعهم"، وانه "اذا ترك اليمن ليتحول الى دولة فاشلة سياسيا واقتصاديا فانه ستصبح موطئا ومركزا للمجموعات الارهابية العالمية، مع انه حاليا يستعمل كممر وهو ليس مركزا لهذه النشاطات كما الحال في شرقي افغانستان وغربي باكستان".
ولكن هذا الكلام يناقض ما ورد بأن الطائرات الحربية الامريكية المنطلقة من السفن الحربية في خليج عدن والمحيط الهندي قامت بشن غارات على أهداف مدنية وعسكرية في مناطق صعدة والملاحيظ، ودعت الأمم المتحدة إلى «هدنة إنسانية» في شمالي اليمن، مطالبة بتوفير 177 مليون دولار لتأمين المساعدات الإنسانية للنازحين اليمنيين من مناطق القتال.
العراق وأفغانستان وباكستان واليمن والصومال، لا يوجد شيء خارج نطاق الطموحات الأمريكية للسيطرة على المنطقة، ولا شيء سوف يردع أوباما عن مساره الانتحاري ذلك غير أصوات الناخبين الأمريكيين.
لقد بدأ بوش الحرب، واستمر يها أوباما، والأمر يتسع يومًا بعد يوم، ومع اتساع نطاق الحرب أكثر فأكثر، فإن أمريكا ستجد نفسها في حرب عالمية جديدة، وستكون القاعدة هي الذريعة وإيران هي الهدف في النهاية.