الثقة بالنفس



الثقة بالنفس
الحرص على التعامل الاجتماعي الملائم، والفوز بمحبة الناس وقربهم هو أمر حسن مشروع؛ فإن المسلم العاقل يحب أن يكون صاحب علاقات اجتماعية طيبة مع الناس، بل إن هذا أمر مركوز في طبيعة الإنسان؛ ولذلك قيل (إن الإنسان مدني بالطبع) وهذا أمر دلت

عليه نصوص الكتاب والسنة في مواضع كثيرة، فإن الله جل وعلا شرع لعباده المؤمنين الاختلاط بعضهم البعض وندب إلى المعاملة بالمعروف ومحاسن الأخلاق، وحث على الإحسان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس معاملة وأدبًا وأكملهم خُلقًا وأوسعهم صدرًا وحلمًا، فكان أعداؤه يذعنون له بالخلق العالي والأدب الكامل مع عداوتهم وشدة نفورهم منه. 

والمقصود أنك معذور في حرصك على الفوز بمحبة الناس وعلى الشعور بالقرب منهم، وأنك موضع الاحترام والتقدير لديهم، غير أننا وقبل أن نسرد لك خطوات عملية لهذا الأمر نود أن نشير أن الشاب المؤمن العاقل من أمثالك إنما يحرص على العلاقة المشروعة التي ترضي الله تعالى، فمثلاً لا يجوز أن تسعى في جذب الفتيات الأجنبيات عنك بحجة الصداقة أو المشاركة الدراسية أو الحب أو غير ذلك من الأسباب، بل الصواب أن تكون متبعًا لشرع الله تعالى الذي حرم عليك الاختلاط وأمرك بغض البصر وتحصين النفس حتى ييسر الله لك الزوجة الصالحة التي تسعدك وتسعد بك. 

وأما عن الخطوات التي تعينك على كسب العلاقات الاجتماعية فهي خطوات سهلة فاحرص عليها: 
1- الاستعانة بالله والتوكل عليه وسؤاله أن يحببك إلى قلوب عباده المؤمنين وأن يجعل لك القبول بينهم. 

2- إذا أردت أن تكون موجودًا محبوبًا مرغوبًا من الناس فعليك أن تحصل أسباب مودة الله تعالى! فما معنى هذا الكلام؟ معناه أنك إن أطعت الله وبذلت وسعك في المحافظة على صلاتك وفي رعاية حدود الله التي أمرك بالحفاظ عليها كغض البصر والبعد عن الاختلاط المحرم ونحو ذلك من الواجبات الشرعية، فإنك بذلك تنال محبة الله، فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه..) أخره البخاري في صحيحه. 

فإذا تقربت إلى الله تعالى فقد فزت بحبه ووده فحينئذ سيجعل الله لك القبول في الأرض، بل قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًّا}، وهذا المعنى ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح. 

فاحرص على هذا المقام وأوله عنايتك فإنه مع كونه يجلب لك سعادة الدنيا والآخرة ومحبة الناس فهو أيضًا السبيل لتحقيق ثقتك في نفسك وتحقيق قدرتك على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، أو بعبارة أخرى هو الطريق لتحقيق شخصيتك المستقلة المتزنة، فإنك على قدر طاعتك وقربك من الله على قدر ما تكون قوي النفس ثابت الإرادة ماضي العزيمة، فإن قلب المؤمن قلب ثابت راسخ ونفسه نفس عالية شامخة، فاعرف هذا فإنه أصل شفائك وفلاحك. 

3- الحرص على اكتساب القدرات الاجتماعية بالمخالطة بالرفقة الصالحة العاقلة التي تفيدك في دينك ودنياك. 

4- الحرص على التزود بالعلم النافع في الدين والدنيا؛ فإن ذلك يورثك علمًا وفهمًا وثقة في النفس. 

5- تدريب النفس وتمرينها على اتخاذ القرار وعدم التردد فيه؛ فإذا أردت تنفيذ أمر فاقدم عليه ولا تكثر من التردد فيه، وكن كما قال الشاعر – وقد صدق وأحسن – 
إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا. 

6- النظر إلى قدراتك الخاصة بنظرة الاحترام والتقدير دون مبالغة تصل بك إلى الغرور، ودون تنقص يصل بك إلى عدم الثقة بالنفس، بل اعتدل في نظرتك لنفسك وعاملها معاملة الاحترام والتقدير، وتأمل في إنجازاتك وقدراتك التي منحها الله إياك، وقد حرمها كثير من الناس.